لقد عانى أفلاطون
كثيرا من انشغاله بالسياسة، حيث أن كاتب "الجمهورية" كان يحلم بفرض
مدينته الفاضلة المحكومة من طرف الفلاسفة على أثينا. ولكن الأثينيين الذين اكتشفوا
الديموقراطية لتوهم ما عادوا يرغبون في احتكار السلطة من طرف نخبة ما حتى ولو كانت
مشكلة من فلاسفة. لذلك حاول أفلاطون أن يحقق حلمه خارج أثينا، بعد أن لاحت له فرصة
ذهبية حاول استغلاله. فركب البحر وتوجه إلى جزيرة صقلية التي كانت تحت حكم
ديونيسيوس الأكبر، فقربه إليه وتعرف على أفكاره لكن هذا الأخير خشي على نفسه من
مؤامرة تحاك ضده من طرف صهره "ديون" الذي كان صديقا لأفلاطون. فما كان
منه إلا أن نفى أفلاطون وأرسله على سفينة تنتمي إلى مدينة معادية لأثينا (سبارتا)
فكاد يباع بيع العبيد، بعد أن اسره قبطان السفينة، لولا تدخل أصدقاءه دفع فدية
لإطلاق صراحه.
بعد عودته لإثينا
كرس أفلاطون نفسه للبحث والتدريس، وذلك في الأكاديمية التي كانت عبارة عن مدرسة
كبيرة يعد فيها شباب أثينا لممارسة السياسة ويدرسهم الفلسفة، ولكن حلم تأسيس
المدينة ظل يرافقه حتى جاءت الفرصة مرة
أخرى بعد وفاة ديونيسيوس الأكبر وتولي إبنه ديونيسيوس الأصغر الحكم، ولأنه كان
صغيرا فقد كانت تصاريف الحكم في يد خاله "ديون" الذي دعا أفلاطون إلى الحضور إلى صقلية لانتهاز هذه الفرصة:
توجيه الشاب إلى الفلسفة، ليستطيع أفلاطون أن يحقق عن طريقه حلم الحاكم الفيلسوف.
لكن سرعان ما أحس ديونيزوس الإبن بأن خاله يحاول أن يجعله تحت
إمرته، فنفاه واستبقى أفلاطون ووضعه تحت المراقبة، ثم قبل أخيرا أن يرحل إلى
أثينا. فعاد إلى أكاديميته، ولكن ديونيزيوس استدعاه مرة أخرى عام 361، ومرة أخرى ل
يستطع أفلاطون أن يجعله يغير من أفكاره ومن طريقة حياته وحكمه، فلما أراد الرحيل
لم يسمح له بالمغادرة لولا تدخل أرخيتاس، فيلسوف فيثاغوري كان حاكما لأحدى المدن.
يرى أفلاطون أن السياسية الجيدة يجب أن تحدد من طرف الفيلسوف، فوحده كان
قادرًا على بلوغ الحقائق الاساسية. بمعرفته بطبيعة المجتمع والناس والعالم يستطيع
أن يحكم وهو يحيط بالأسباب التي تحدد كل سلوك. في كتابه "الجمهورية"
يقدم لنا أفلاطون أفضل نظام ممكن، مجموعة صغيرة من الفلاسفة تحكم المدينة وفقا لما
تراه خيرا. فالفلاسفة يحكمون، طبقة المحاربين تلعب دور الأمن والجيش وتسهر على
احترام القانون، وطبقة المنتجين التي يجب أن تعمل وتطيع الأوامر.
الأنظمة الأخرى أنظمة فاشلة وفاسدة، ففي الأوليغارشية تحكم فئة من النبلاء
وفقا لمصالحا الخاصة، أما الطاغية فيحكم وفق أهوائه، أما النظام الديموقراطي فهي
ترتكز على حكم الأغلبية التي قد لا تكون مؤهلة للحكم .
أترك تعليقا