‏إظهار الرسائل ذات التسميات باكالوريا. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات باكالوريا. إظهار كافة الرسائل

نموذج الإشتغال على نص فلسفي

بقلم الأستاذ: مصطفى الزاهيد

لحظة الفهم أو التأطير الإشكالي:

قام تاريخ الفلسفة على جملة من المفارقات النظرية وهو ما أضفى على مواقف الفلاسفة بعدا استشكاليا ونسبيا، ويعتبر مفهوم (هنا تكتب المفهوم الذي يعالجه النص) من بين المفاهيم الأساسية في تاريخ الفلسفة التي حاول الفلاسفة بناء تصورات حولها، ويمكن القول أن مفهوم (الشخص أو العدالة أو المعرفة العلمية...) يندرج بشكل عام ضمن مجزوءة (الوضع البشري/المعرفة/السياسة/الأخلاقية) والتي تقارب (شرح موضوع المجزوءة) وفي هذا السياق سنعالج القضية المطروحة ضمن المحور الذي يتناول مفهوم (اكتب إسم المفهوم هنا)  وبناء على ذلك يمكننا صياغة القضية الفلسفية المطروحة في الإشكال التالي: (أكتب الإشكال الرئيسي للنص)؟ وبعبارة أخرى ما هي الأطروحة الأساسية التي يدافع عنها صاحب النص؟ وماهي حدودها وقيمتها على ضوء تصورات فلسفية أخرى في تاريخ الفلسفة؟


الكتابة الفلسفية: نموذج الإشتغال على نص فلسفي
العرض:
لحظة التحليل (تحديد المفاهيم واستخراج الأطروحة والمحاججة عليها).

قبل الشروع في تحليل هذا النص لابد من الوقوف على أهم المفاهيم التي يتضمنها حيث نجد صاحبه قد أسس أطروحته على مفهوم (الدولة، الشخص، الغير أو النظرية...) والذي يحيل حسب صاحب النص على (تقوم بتعريف المفهوم حسب دلالته العامة واللغوية والفلسفية) كما نجد مفهوما آخر وهو مفهوم (النظرية، التجربة، الحرية، العدالة...) والذي يحيل في الدلالة اللغوية في لسان العرب لابن منظور على (تحديد الدلالة اللغوية) بينما يعرف فلسفيا حسب معجم لالاند بـ (تكتب التصور الذي يدافع عنه النص) ولكي يقنع المخاطب بأطروحته نجده في بداية النص قد انطلق من (تكتبين العنصر الأول من الأطروحة وهو المسمى الفكرة الرئيسية الأولى) ثم انتقل لكي يوضح (الفكرة الرئيسية الثانية) ثم انتهى في النص مؤكدا على (الفكرة الرئيسية الأخيرة)، وانسجاما مع روح الخطاب الفلسفي باعتباره خطابا حجاجيا نجد صاحب النص قد وظف استراتيجية حجاجية متماسكة، حيث وظف في بداية النص أسلوب (تكتب الأسلوب الحجاجي المستعمل) ويتضح ذلك من خلال قول صاحب النص"تنقل الأسلوب الحجاجي كما كتب في النص" ولم يقتصر صاحب النص فقط على هذا الأسلوب الحجاجي بل نجده قد وظف كذلذ أسلوب (المثال أو التأكيد أو المقارنة أو العرض أو الشرح أو التفسير) وهو ما يؤكده بقوله في النص "تكتب الأسلوب الحجاجي كما ورد في النص" (كما تبين وظيفة هذا الأسلوب هل هو الإقناع، الدحض، النقد، المقارنة بين مجموعة مواقف أو الدفاع عن رأي).

قبل الإنتقال إلى المناقشة تحتاج لهذا السؤال الجسر الذي يربط التحليل بالمناقشة.

من خلال تحليلنا للنص نلاحظ أن صاحبه في مقاربته لإشكالية (الدولة، الشخص، العنف...) قد نظر إليها باعتبارها تقوم على (مضمون ما قدم في التحليل باختصار شديد)، ومادا تاريخ الفلسفة هو تاريخ المفارقات النظرية والاختلاف في التصورات الفلسفية أليس من الأجدى أن نتساءل حول حدود هذا التصور بالمقارنة مع تصورات فلسفية أخرى؟

مطلب المناقشة

حينما نعود إلى تاريخ الفلسفة نجد أن إشكالية (الدولة، العدلة...) سبق وقاربها مجموعة من الفلاسفة من بينهم الفيلسوف (إسم الفيلسوف) الذي أكد في نفس سياق صاحب النص على تصور مفاده أن مفهوم (الدولة، الشخص...) (مضمون الموقف)، بينما نجد موقفا آخر للفيلسوف (إسم الفيلسوف) يطرح تصورا آخر حول مفهوم (الدولة، الشخص...) وينظر إليه باعتباره (مضمون الموقف).


مطلب التركيب (هذه الصيقة يمكن توظيفها في أي موضوع إن لم تكن لديك القدرة على إبداع تركيب خاص بك).

ما يمكن أن نخلص إليه من خلال تحليلنا ومناقشتنا للأطروحة التي دافع عليها صاحب النص هو أن إشكالية (الدولة، العنف..) تظل من بين الإشكالات الراهنية في الفلسفة لأنها مرتبطة بالوجود الإنساني وتمسه في صميمه وهو ما يفرض علينا إهادة النظر في جميع التصورات الفلسفية والاختزالية التي حاولت النظر لمفهوم (الشخص، المعرفة العلمية ...) من زاوية واحدة على اعتبار أن ما يؤسس الحياة والاجتماع البشري هو الاختلاف والتنوع في التصورات والأبعاد وليس الوحدة والاختزالية التي كانت من صميم الفكر الميتفازيقي وهو ما تجاوزته فلسفة ما بعد الحداثة.

منهجية الإشتغال على السؤال الإشكالي المفتوح




بقلم : مصطفى الزاهيد
ما المقصود بالسؤال الإشكالي:

إن السؤال الإشكالي هوتساؤل فلسفي يتضمن مفارقة واحدة على الأقل، ويحيل على موقفين فلسفيين أو علميين مختلفين مصرح بإحدهما بينما يكون الآخر مضمرا.
يتميز السؤال الإشكالي عن السؤال العادي أو المعرفي بكونه يحيل مباشرة أو بشكل غير مباشر على موقف فلسفي أو علمي.
يتضمن مفارقة أو أثر (وهنا وجب الانتباه إلى أن أحد صيغ المفارقة قد يكون حاضرا ويمكن الكشف عنه بإزالة أداة الاستفهام لكن أحيانا قد لا تكون هذه الطريقة مفيدة لذلك وجب قراءة السؤال الإشكالي جيدا من أجل معرفة الأطروحة المضمرة المتضمنة فيه والأطروحات التي يحيل عليها).
السؤال الإشكالي هو الاختيار الأول من ضمن الاختيارات الثلاثة التي يأتي بها الامتحان.
على مستوى المعالجة يتم تتبع نفس خطوات تحليل ومناقشة النص والقولة مع وجود بعض الاختلافات.

منهجية الإشتغال على السؤال الإشكالي المفتوح



اللحظات الأساسية في معالجة السؤال الإشكالي

مطلب الفهم ونقوم فيه بـ:

تمهيد للسؤال: يكون تمهيدا تاريخيا، نعرف فيه بقيمة وأهمية القضية الفلسفية التي يحيل عليها في سياق تاريخ الفلسفة.
تحديد مجال الانتماء (المجزوءة) والمفهوم الذي تعالجه (المحور).
توسيع السؤال الإشكالي وتفريعه إلى مجموعة من الأسئلة المنبثقة عنه مع تحديد الأبعاد التي يفتحنا عليها.

العرض:
مطلب التحليل ونقوم فيه بـ:

تحديد المفاهيم المكونة للسؤال وشرحها مع توضيع العلاقة القائمة بينها.
استخراج الاطروحة التي يحيل عليها السؤال وتوضيحها على ضوء أطروحات أخرى تتقاطع معها.
تقديم الحجج والأدلة لتي يفترض أن تدعم الأطروحة المضمرة في السؤال أو الأطروحات التي تتقاطع معها ويمكن حصر هذه الحجج في (براهين واستدلالات واقعية وعقلية ومنطقية/ أدلة وصفية وتاريخية/ أمثلة/ شهادات وأقوال لفلاسفة).

ملحوظة: في السؤال لا يتم تقديم الأساليب البلاغية أو اللغوية باعتبارها حججا أو أدلة مدعمة.



مطلب المناقشة ونقوم فيه بـ:
فتح حوار بين الأطروحات التي يحيل عليها السؤال (الأطروحات النقيضة) بغاية: إبراز تعدد وجهات النظر في الموضوع، وتبيان الأسس والمنطلقات الفلسفية التي ينظر منها كل اتجاه فلسفي للموضوع المطروح.

ملحوظة: في السؤال هناك نوع واحد من المناقشة هو المناقشة الخارجية أي تلك التي نستحضر فيها الأطروحات النقيضة فقط

مطلب التركيب ونقوم فيه بـ:
خلاصة عامة أو تركيب يكون عبارة عن مقارنة بين المواقف التي تم التطرق إليها.
إبداء الرأس بإحراج كل تلك التصورات على ضوء التحولات التي يعرفها العالم المعصر بحجج وأدلة واقعية أو علمية أو معرفية وبطرح سؤال الغاية منه ترك النقاش مفتوحًا.



منهجية الإشتغال على القولة - جميع شعب الباكالوريا




القولة citation مقتطف من نص، لكن ليس كل مقتطف من نص قولة، لأن الشرط الأساسي لكي تكون قولة هي أن تحيل على موقف فلسفي أو علمي، والقولة "بنية اللغة متكاملة العناصر، تطرح إشكالا فلسفيا واحدا، وتتخذ منه موقفا، وعموما، فالقولة الفلسفية أو العلمية، هي موقف فلسفي أو علمي إزاء جدل أو مشكل فلسفي مطروح".

 بقلم : مصطفى الزاهيد

ملاحظات هامة

تتضمن القولة موقفا فلسفيا أو علميا يحيل على إشكال أو إشكالين ينتميان إلى مفهوم واحد أو أكثر من مفاهيم المقرر.
تأتي القولة مرفقة بسؤال "بصيغة حلل وناقش" أو مرفقة بسؤال "حلل" متبوع بسؤال معرفي ذي صلة مباشرة بموضوعها وإشكالها يحدد لك المطلوب الذي على ضوئه يجب أن تنجز التحليل.
تتم الإجابة على القولة باحترام نفس الخطوات المتبعة في السؤال والنص مع وجود بعض الاختلافات.

منهجية الكتابة الفلسفية - القولة


الخطوات التي يجب اتباعها لتحليل ومناقشة قولة فلسفية أو علمية

مطلب الفهم نقوم فيه بـ:

تمهيد للسؤال: يكون تاريخيا، نعرف فيه بقيمة وأهمية القضية الفلسفية التي يحيل عليها في سياق تاريخ الفلسفة أو الابستيمولوجيا أو تاريخ الفلسفة السياسية أو الأخلاقية.
تحديد مجال الإنتماء (المجزوءة) والمفهوم الذي تعالج ضمنه (المحور).
تحديد الإشكال الرئيسي الذي تعالجه القولة.
تفريغ الإشكال الذي تطرحه القولة إلى مجموعة من الإشكالات المتماسكة والمرتبطة بمنطةق القولة ومضمونها.

العرض:
مطلب التحليل ونقوم فيه بـ:

تحديد المفاهيم الأساسية التي بنيت عليها القولة مع توضيح العلاقة القائمة بينها.
تحديد أطروحة القولة وشرحها وتوضيحها جيدا على ضوء مكتسباتك المعرفية.
تقديم الحجاج والأدلة التي يفترض أن تدعم الأطروحة التي تعبر عنها القولة والتي من المفترض أن تكون داعمة لها ويمكن أن تكون (براهين، استدلالات واقعية أو عقلية أو منطقية/ أدلة من الواقع/ أدلة تاريخية/ شهادات وأقوال فلاسفة أو علماء).

ملحوظة: في القولة لا يتم تقديم الأساليب البلاغية أو اللغوية باعتبارها حججا أو أدلة مدعمة.

مطلب المناقشة ونقوم فيه بـ:

استحضار مواقف فلسفية تكون مدعمة للأطروحة المصرح بها في القولة.
استحضار أطروحات أخرى تكون مختلفة جذريا مع الأطروحة المصرح بها في القولة.
إبراز أهم الانتقادات التي وجهت للأطروحة المصرح بها في القولة.

مطلب التركيب ونقوم فيه بـ:

خلاصة عامة أو تركيب يكون عبارة عن مقارنة بين المواقف التي تم التطرق إليها.
إبداء الرأي بإحراج كل تلك التصورات على ضوء التحولات التي يعرفها العالم المعاصر بحجج وأدلة واقعية أو علمية أو معرفية وبطرح سؤال الغاية منه ترك النقاش مفتوحًا.



منهجية الكتابة الفلسفية لتلميذات وتلاميذ الباكالوريا جميع الشعب (النص/القولة/السؤال).



بقلم: مصطفى الزاهيد

تتميز الكتابة الفلسفية بمجموعة من المقتضيات العامة التي تكون عزيزي التلميذ مطالبا بها في الباكالوريا وسألخص لك أهم هذه الخطوات دون الدخول في التفاصيل والحواشي المملة التي أنت في غنى عنها، ويمكن القول أن ما يجب أن نحتفظ به في الطهن هو أن الكتابة الفلسفية لديها ثلاثة لحظات أساسية يمكن أن نقسمها بيداغوجيا إلى ثلاثة لحظات سواء في النص أو القولة أو السؤال المفتوح مع اختلافات بسيطة:

منهجية الكتابة الفلسفية لتلميذات وتلاميذ الباكالوريا جميع الشعب (النص/القولة/السؤال).


خطوات منهجية للاشتغال على تحليل نص فلسفي

مطلب الفهم أو التأطير الإشكالي:

الهدف الأساسي من التأطير هو أن تبرز أهمية القضية الفلسفية التي يعالجها النص من خلال مستويين اساسيين:

المستوى الأول: تبين فيه أهمية القضية المطروحة في تاريخ الفلسفة وهنا يجب تأطيرها في سياقها التاريخي ضمن تاريخ الفلسفة.
المستوى الثاني: تبين فيه المجال النظري الذي تنتمي إليه القضية الفلسفية المطروحة وهي أربعة مجالات نظرية تدرها في مستوى الثانية باكالوريا (الوضع البشري/المعرفة/السياسة/الأخلاق) ثم الإحالة على المجال الخاص الذي تندرج ضمنه القضية الفلسفية (بمعنى المحور) ثم طرح الإشكالات المرتبطة بشكل مباشر بالقضية الفلسفية التي يتضمنها النص و الإشكالات الفرعية المرتبطة بالإشكال الرئيسي.


العرض:
مطلب التحليل ونقوم فيه بـ:

تحديد البنية المفاهيمية التي يقوم عليها النص وتحديدها من حيث دلالتها العامة ودلالتها اللغوية والفلسفية.
استخراج الأطروحة مباشرة والتي يمكن استخلاصها من البنية المفاهيمية.
استخراج عناصر الأطروحة وتوضيح بنيتها ومنطلقاتها.
الوقوف على الأساليب اللغوية والبلاغية والحجاجية والمنطقية التي دافع بها صاحب النص وبنى عليها أطروحته.

مطلب المناقشة ونقوم فيه بـ:

لا يمكن المرور مباشرة إلى المناقشة بل لابد من جسر يتم المرور عبره كي تحافظ الكتابة الفلسفية على تماسكها الداخلي ومنطقها الحجاجي لذلك لابد من سؤال يمهد للمناقشة (سميناه في النموذج بالسؤال الجسر)، وهو سؤال يمهد للمصحح ويسمح له بالمرور من التحليل إلى المناقشة دون الإحساس بوجود هوة فاصلة بينهما، فالسؤال الجسر يكون مكتمل الصياغة حين يربط بين ما تم تحليله وما سيتم مناقشته.

الدخول في المناقشة يبدأ باستحضار المواقف والتصورات الفلسفية والعلمية والسوسيولوجية التي تقترب نظريا أو تدعم الأطروحة التي أبرزتها من خلال تحليلك للنص.

الإحالة على مواقف فلسفية تختلف جذريا مع الأطروحة التي حللتها.

مطلب التركيب ونقوم فيه بـ:

المستوى الأول: البحث عن النقاط المشتركة نظريا بين التصورات الفلسفية التي عملت على المقابلة بينها في تحليلي للموضوع الذي اخترت الإجابة عليه باقتضاب.
المستوى الثاني: اعمل فيه على ضوء المستجدات الفلسفية والعلمية المعاصرة أو السوسيولوجية والسيكولوجية إن كنت مطلعا عليها أو من الواقع على إحراج هذه التصورات الفلسفية مبينا أوجه القصور فيها ومدة راهنية البعض منها.
المستوى الثالث: أنتهي إلى إبراز موقفي الخاص بطريقة لبقة تجعلني لا أميل مع أي تصور ميلا وثوقيا بل أعمل على طرح تساؤلات تجعل القضية ممتدة في الراهن الذي أعيشه.


قيمة الشخص: إيمانويل كانط / جورج غوسدروف / يورغن هابرماس / كارل ماركس


ذ.الزاهيد مصطفى

تقديم عام للمحور:

إن المتأمل لهذا العالم يلاحظ بأنه يمكننا أن نستخدم جميع الأشياء في هذا العالم، انطلاقا من النبات إلى الحيوان دون أن يصدر عن هذه الأخيرة أي رد فعل خاص بها مادامت عبارة عن أشياء أو موجودات تتقبل طبيعتها بشكل تلقائي، لكن على خلاف ذلك فالكائن الحي ينفي ويرفض أن يوظف مثل باقي الأشياء في الطبيعة، لذلك نجده يطالب بضرورة احترامه وتقديره.



إن هذا المطلب الذي يرفعه الكائن الحي ضد باقي الأغيار والذي يوحي بأن هذا الكائن حامل لقيمة ما تجعله يرفض أن يعامل مثل موجودات الطبيعة كما يقول هيغل في كتابه "الإستطيقا" هو ما أعطى المشروعية للفلاسفة لكي يسائلوا الأساس الذي يبني عليه الكائن الحي هذا المطلب الذي يلخص في ندائه الدائم" احترموني فلست شيء أو بضاعة". فمن أين يستمد الشخص قيمته؟ هل انطلاقا من كونه شخصا مالكا للوعي والفكر والحرية والأخلاق والحقوق أي باعتباره غاية في ذاته أم من كونه وسيلة يمكن توظيفها لأجل غايات أسمى منه؟(مثلا ما تقتضيه مصلحة الدولة في علاقتها بالجند).

قيمة الشخص إيمانويل كانط/جورج غوسدروف/يورغن هابرماس/كارل ماركس



الإشتغال على نص بديل داخل الفصل لإمانويل كانط /مقتطف من كتابه تأسيس ميتافزيقا الأخلاق

  الأفكار الأساسية للنص:

يرفض إمانويل كانط النظر للإنسان من الزاوية البيولوجية الصرفة لأننا بهذه النظرة نكون قد حططنا من قيمته وجعلناه شبيها بالحيوان.

ينتقل إمانويل كانط ليبين لنا جوانب القصور في التصور الذي يقيم الإنسان من خلال امتلاكه لملكة الفهم(القدرة على إنتاج المعرفة وتنظيم معطيات الحساسية/التجربة) ويرفض كانط أن ننظر للإنسان باعتباره ذاتا عارفة لأن هذا التصور سيجعل من الإنسان بضاعة ويضرب في العمق مبدأ المساواة بين الناس.

يبين كانط أن ما يسمو بقيمة الإنسان عن الأشياء هو النظر إليه باعتباره شخصا أي ذاتا أخلاقية حاملة لعقل عملي/أخلاقي، ومالكا لكرامة تجعل منه غاية في ذاته وليس وسيلة يمكن استخدمها من طرف أي ذات حسب رغباتها و مصالحها.
تصور امانويل كانط : الشخص غاية في ذاته

يوجه إيمانويل كانط في كتابه "تأسيس ميتافزيقا الأخلاق " نقدا للتصورات الأخلاقية العرفية القائمة على العادة والعرف لأنها تحدد قيمة الإنسان من الزاوية البيولوجية الصرفة، وهو ما يحط من قيمته ويجعله شبيها بالحيوان كما يوجه نقدا للتصورات المعرفية التي تنظر لقيمة الإنسان انطلاقا من كونه مالكا لملكة الفهم، أي ذاتا عارفة قادرة على إنتاج المعرفة وتنظيم معطيات التجربة لأن تقدير الإنسان واحترامه فقط لكونه قادرا على إنتاج المعرفة سيجعلنا نخل بمبدأ المساواة في النظر للإنسان وهو ما سيجعل منه سلعة قابلة للتقويم بسعر من الأسعار، ولم يقف إمانويل كانط عند هذا الحد، بل وجه نقدا لاذعا للتصورات النفعية التي تنظر للإنسان من زاوية المنفعة والمصلحة التي يمكن أن يقدمها للذات، ويطرح لنا كانط تصورا بديلا يمكنه أن يسموا بالإنسان على الأشياء والحيوانات، فحين ننظر للإنسان باعتباره شخصا أي حاملا لعقل أخلاقي/عملي يمكنه حينها وفقط أن يستمد قيمته انطلاقا من كونه غاية في ذاته وليس وسيلة قابلة للاستخدام من طرف أي ذات حسب مصالحها ورغباتها، فالنظرة للإنسان باعتباره شخصا، تجعلنا نقدره ونحترمه باعتباره حاملا لكرامة غير قابلة للتقييم بسعر، وأي حط أو اعتداء على كرامة الإنسان هو اعتداء على الإنسانية جمعاء وهو ما يؤكده كانط بقوله في كتابه "تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق": "عندما نعتبره شخصا، أي كذات لعقل أخلاقي عملي، سنجده يتجاوز كل سعر.وبالفعل لا يمكن أن نقدره بوصفه كذلك أي بوصفه شيئا في ذاته-كوسيلة لتحقيق غايات الآخرين أو وسيلة لتحقيق غاياته الخاصة-، بل يمكن تقديره كغاية في ذاته. وهذا يعني أنه يمتلك كرامة،وبامتلاكه لهذه القيمة يرغم كل الكائنات العاقلة الأخرى على احترام ذاته".


  البنية الحجاجية للنص:

انسجاما مع روح الخطاب الفلسفي باعتباره خطابا حجاجيا أسس إمانويل كانط لأطروحته بالإنطلاق في بداية النص من عرضه للتصور العرفي الذي ينظر للإنسان من الزاوية البيولوجية الصرفة ويتمثل ذلك في قوله "يعتبر الإنسان داخل نظام الطبيعة-كظاهرة من ظواهر الطبيعة وكحيوان عاقل-كائنا غير ذي أهمية قصوى " فإمانويل كانط من خلال توظيفه لأسلوب العرض في بداية النص يهدف إلى توضيح حدود التصور  العرفي الذي يحصر الإنسان داخل الزاوية البيولوجية وهو ما يحط من قيمته، لكن إمانويل كانط لا يكتفي بالعرض بل يوظف الاستدراك الذي يتغيى من خلاله عرض وجهة النظر المعرفية التي تقيّم الإنسان باعتباره ذاتا عارفة وهو ما يجعله شبيها بالسلعة المعروضة في السوق ويبدوا ذلك واضحا في قول كانط" لكن إضافة إلى امتلاكه ملكة الفهم-الشيء الذي جعله يسمو على جميع الكائنات الأخرى، وقادرا على تحديد غايات لنفسه-لايكسب بذلك إلا قيمة خارجية نفعية"، وبعد عرضه لكل هذه التصورات يستنتج كانط أن السمو بالإنسان باعتباره غاية في ذاته وليس وسيلة رهين بالنظر إليه باعتباره شخصا، حاملا للإنسانية في شخصه وهو ما يبدوا واضحا في قوله"وهكذا تكون الإنسانية التي تكمن في شخصه موضوع احترام يمكنه أن يلزم به كل الآخرين .

تصور جورج غوسدروف: الشخص يستمد قيمته من المشاركة والتضامن

ينطلق غوسدروف في تصوره لقيمة الشخص من إعادة النظر في جميع التصورات الفلسفية  والسياسية للقرن الثامن عشر وخاصة التصورات اللبرالية التي ركزت على إعطاء قيمة للفرد على حساب الجماعة، هذه النزعة الفردية التي كان تقديسها يخفي أبعادا ايديولوجية غايتها الدفع بالفرد لكي يتحرر من كل التزام أخلاقي تجاه المجتمع، مفكرا فقط في مصالحه وأهدافه الشخصية، وعوض ذلك يؤكد غوسدروف على أن ما يميز الشخص الأخلاقي هو القدرة على الوعي بوهم الفردانية الذي تسعى الأنظمة الليبرالية تكريسها والإتجاه نحو الإندماج والمشاركة مع الآخرين في بناء عالم يسوده التضامن بين جميع أفراده، وعلى هذا الأساس تصبح قيمة الشخص مرتبطة بقدرته على التعبير الفعلي والعملي في الواقع عن تضامنه ومآزرته والتزامه تجاه الآخرين أخلاقيا وسياسيا من أجل تحرير العالم من الأوهام التي ترغب الرأسمالية في تكريسها عن طريق مختلف وسائلها الإيديولوجية وفي هذا الصدد يقارن بين الفرد الذي يعيش أوهاما باعتقاده "أنه امبراطور داخل إمبراطورية، فيضع نفسه في مقابل العالم وفي تعارض مع الآخرين، بحيث يتصور نفسه كبداية مطلقة. وعلى العكس من ذلك يدرك الشخص الأخلاقي أنه لا يوجد إلا بالمشاركة". إن الشعور الأخلاقي يفرض حسب غوسدروف، الإيمان بأن العالم ليس فضاء للذات وحدها، وإنما هو فضاء لتلاقي ذوات كثيرة، تتعاون جميعها من أجل الوصول إلى غاية واحدة، وهي خدمة القيم الإنسانية النبيلة والعف في مقابل ذلك عن كل فكر أناني ومتوحش".د

 

يورغن هابرماس:الشخص يستمد قيمته من قدرته على التبرير العقلاني لأفعاله

يدافع الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس في  كتابه "أخلاقيات المناقشة" على أن قيمة الشخص/الفاعل لايستمدها في عالم مابعد الدولة-الأمة من انتمائه الجغرافي أو السياسي أو الديني أو العرقي  أو من مكانته الإجتماعية، بل من قدرته على تبرير أفعاله الأخلاقية والسياسية والإقتصادية تبريرا عقلانيا لباقي الذوات التي يتقاسم معها الفضاء العمومي، إن هابرماس ينطلق من نقده الشديد للشخص الأخلاقي المستقل الذي يشرع لأفعاله الأخلاقية بمعزل عن باقي الذوات كما هو الأمر في التصور الكانطي، فالأخلاق غير كافية للنظر إلى الشخص باعتباره قيمة بل لابد أن يستمد الشخص قيمته من خلال القوانين التي يجب أن تقوم عليها دولة الحق والقانون، فالقانون هو الوسيط الوحيد الذي يجب أن يستمد الشخص منه قيمته في عالمنا اليوم. ومن قدرته على استخدام عقله استخداما نقديا في جميع المجالات العمومية دون أي تأثير من طرف السلطة.

كارل ماركس:الشخص مجرد وهم برجوازي ولا قيمة له في النظام الرأسمالي

ينظر كارل ماركس لقيمة الشخص من منظور طبقي محض، فالشخص عند كارل ماركس هو عبارة عن وهم برجوازي ولا يحمل أية قيمة في ذاته كما تصوره الفلاسفة بل يستمد قيمته في هذا النظام انطلاقا مما ينتجه، لكن رغم ذلك يعاني من أبشع أساليب الاستغلال مادامت وسائل الإنتاج في يد الطبقة الرأسمالية، ولكي تكون للأفراد  قيمة لابد من تحررهم عن طريق الوعي الحقيقي لجميع البروليتاريين بموقعهم الطبقي من وسائل الإنتاج، وبالتالي فالثورة هي الطريق الوحيد للقضاء عن ما يعوق تحرر الأفراد وبروز شخصياتهم، وبالقضاء على النظام الرأسمالي وبناء المجتمع الشيوعي سيصبح للفرد قيمة يستمدها من وجوده الواقعي في موقع يجعل منه مالكا لوسائل الإنتاج.



الشخص والهوية الشخصية


الاستاذ: لزاهيد مصطفى

إذا كان الشخص نتاج ثقافي، يخترق تاريخ الإنسانية عموما وتاريخ الفلسفة على الخصوص، ولأنه كذلك فقد اعتبرت التربية العدة التي من خلالها يتجذر ويتطور مفهوم الشخص. علما أن الشخص هو تعبير ليس فقط عن انتماء للجماعة، ولكن عن تفرد خاص، ليس لأنه ضد الجماعة، بل لأنه يريد أن يكون متميزا داخلها، فبقدر ما أن الشخص نتيجة للتنشئة الإجتماعية، بقدر ما يرسم مساره الفردي والنفسي الخاص. إنه يصارع لا من أجل أن يوجد فقط، بل من أجل أن يفرض ذاته وسط عالم الآخرين، ومن أجل أن يتحرر من كل السلط بما فيها سلطة فكره، فإذا كان مبدأ الهوية الشخصية من الناحية الاصطلاحية يقتضي أن يحقق الشخص نوع من التطابق الذي قد يفضي به إلى الإنغلاق على العالم لكي يحافظ على هويته لكن ضرورة "العيش بالمعية" تفرض نوع من الخروج من التمركز حول الذات لمشاركة الآخرين تجاربهم والانخراط معهم في بناء العالم، وفي هذا البناء يبني الشخص شخصيته ويكتسب هويته من تفرده عن باقي الأشخاص وشخصياتهم، فلا أحد ينكر أن الشخص يتعرض في حياته لسلسلة من التحولات، تسهم في إحداث تغيرات جذرية على مستوى جسمه، وفكره، لكن خلف ما يتعرض  لتبدل وتحول هناك عنصر ما يبقى دائما هو هو، أطلق عليه اسم" الهوية" ذلك أن ثمة عناصر لا يمكن أن يطالها التعديل وهي التي تعطي للشخص ذاتيه وخصوصيته.

الشخص والهوية الشخصية:رونيه ديكارت/جون لوك/ارثر شوبنهاور


على هذا الأساس نطرح الإشكال الآتي : ما هوية الشخص؟ ومن أين يستمد الشخص هويته هل من كونه جوهرا عاقلا ومفكرا وواعيا ومستقلا وأخلاقيا وحقوقيا  أم يستمدها من انتمائه الثقافي والسياسي و الإثني ومن مكانته ووظيفته الاجتماعية؟ بعبارة أخرى ما هو هذا الشيء الذي يظل ثابتا في الشخص والذي يستمد منه هويته مهما تغير دوره وانتمائه ووظيفته الاجتماعية؟ هل هوية الشخص قائمة على المطابقة والتمركز حول  الذات أم هويته مستمدة من انفتاحه الدائم على العالم والآخرين؟.هل يكفي القول بمعيار الفكر والوعي والشعور والقدرة على التذكر كأساس للهوية الشخصية أم أن للإرادة   دور في تحديد هذه الهوية الشخصية؟
 

التصور الديكارتي:  هوية الشخص كامنة في كونه جوهر مفكر

نظرا لتأثير الذي مارسته الثورة الكوبرينيكة على فكر رونيه ديكارت فهذا الأخير وجد نفسه في حالة من عدم اليقين والحيطة والحذر من التصورات الفلسفية الأرسطية، لكنه رغم محاولاته لقلب تاريخ الفلسفة وإيجاد أساس متين للحقيقة لا يطاله الشك فإن هذا المسعى قاده للارتماء في أحضان الإرث الأرسطي حينما ربط ديكارت هوية الشخص بمدى مطابقته لذاته وبقدرته على التفكير والوعي في استقلالية عن العالم وعن باقي الذوات، وبالتالي فالشخص لا يصير شخصا ولا يحافظ على ثباثه وهويته في الزمان  والمكان إلا إذا كان قادرا على استخدام فكره وعقله استخداما منهجيا وفي استقلالية عن العالم وباقي الأغيار، فمادام الجسم ليس سوى ألة حسب ديكارت فليس بإمكانه أن يكون أساسا لهوية الشخص رغم كون هذا الجسم مرتبط بالنفس عند ديكارت والتي يعتبرها ديكارت إلى جانب الجسم جوهرين متمايزين عن بعضهما، لكن الجسم يظل عبارة شيء كباقي الأشياء الموجودة في العالم في حين هوية الإنسان وجوهره هو كونه "أنا مفكرة" وجوهرا هو النفس متميز بالتفكير  والقدرة على الشك والإثبات والنفي وفي هذا الصدد يقول ديكارت"أنا أفكر،أنا موجود".

الموقف الفلسفي التجريبي:تحليل نص جون لوك من خلال الكتاب المدرسي في رحاب الفلسفة ص 15


  التعريف بصاحب النص:
جون لوك John Locke ولد سنة 1632-1704 وهو فيلسوف تجريبي ومفكر سياسي إنجليزي.

  أهم أعماله:

ü محاولة في فهم الإنسان
ü الحكومة المدنية

  البنية المفاهيمية للنص:

ü الشخص: كائن مفكر،عاقل قادر على التعقل والتأمل، وعلى الرجوع إلى ذاته باعتبار أنها مطابقة لنفسها.
ü الشعور: هو القدرة على الإحساس و تعقل العالم الخارجي
ü الهوية الشخصية : وتحيل حسب لوك على ما يجعل الكائن هوهو عبر الزمان والمكان عبر الحاضر والماضي.
يتضح من خلال البنية المفاهيمية للنص أن جون لوك يربط بشكل وثيق بين هوية الشخص والقدرة على الشعور  بالعالم الخارجي.

  إشكال النص:
من أين يستمد الشخص هويته هل من كونه ذاتا واعية ومفكرة ومتأملة أم من كونها ذات لديها القدرة على الإحساس والشعور بذاتها وبالعالم المحيط بها؟
  الأفكار الأساسية للنص:

ينطلق جون لوك من تعريف مفهوم الشخص بكونه ذاتا مفكرة وعاقلة ومتأملة وقادرة على تعقل العالم باستقلال عن باقي الذوات، لكن هذا الفكر المميز للشخص يظل مقترنا وممتلئا بمعطيات الشعور(القدرة على الإحساس).

 ينتقل جون لوك ليعطي مثالا يبين من خلاله الإرتباط الوثيق بين أحاسيس الشخص وبين معارفه، فلا يمكن للشخص أن يعرف حسب جون لوك إلا ما يمكنه أن يحس به.

ينتهي جون لوك إلى التأكيد على أن ما يكون الهوية الشخصية  للشخص هو قدرته على الإحساس والشعور والتذكر لتجاربه وإحساساته السابقة فليس هناك جوهر مميز لهذه الذات كل ما هناك هو قدرة الذات على الإحساس وتذكر تجاربها عبر الزمكان.


  الأطروحة:

في كتابه "محاولة في الفهم الإنساني" تعرض جون لوك لمسألة الهوية الشخصية حيث أكد على أن ما يحدد هوية الشخص هو قدرته على الشعور والإحساس بالعالم الخارجي، فليس هناك هوية ثابتة لدى الشخص ومعطاة بشكل قبلي بل الهوية هي ثمرة للانطباعات وأحاسيس وتجارب الذات التي لا يمكنها أن تعرف أي شيء عن نفسها بمعزل عن قدرتها على الإحساس، وبالتالي فما هو ثابث في الشخص هو تميزه بكونه قادرا على تذكر ما كان عليه في الماضي والحاضر، إذ هذه الذات تولد صفحة بيضاء وكل ما تعرفه لاحقا هو ما خطته التجربة والشعور.وعلى على هذا الأساس فالذاكرة ليست معطى فطريا بل هي بمثابة وعاء يملئ  ويشكّل بتجارب الشخص وأحاسيسه وأفكاره وتمتلاثه وتصوراته، وكل ما ظل هذا الشخص  قادرا على تذكر هذه التجارب والأحاسيس كلما حافظ على هويته وثباثه ووحدته في الزمان والمكان.



تحليل نص شوبنهاور  من خلال الكتاب المدرسي في رحاب الفلسفة ص 15

  الأفكار الأساسية للنص(عناصر الأطروحة).

ينطلق شوبنهاور في بداية النص من نفي أن يكون الجسم هو ما يحدد هوية الشخص لأنه مجرد عرض زائل ومتغير في حين أن هوية الشخص عند شوبنهاور مرتبطة بما هو ثابث في هذا الشخص مهما تغيرت أعراضه(الجسم/السن/الشكل/اللون..).

ينتقل شوبنهاور ليحدد مميزات الهوية ويحددها بما يحافظ للشخص على ثباته كما يوجه نقدا جذريا لفلسفات الوعي التي أكدت على أن هوية الشخص مرتبطة بقدرته على التفكير (الفلسفة الديكارتية)أو بقدرته على التذكر والشعور بالتجارب الماضية (الفلسفة التجريبية مع لوك)وكلها محددات معرضة للتلف والتحول ويطرح شوبنهاور عوض ذلك مفهوم الإرادة باعتباره هو ما يحدد هوية الشخص والوجود.

ينتهي شوبنهاور ليوضح أن فعل المعرفة لا يمكن أن يكون هو أساس هوية الشخص لأنه مجرد وظيفية من وظائف الدماغ التي قد تصاب بالتلف فهوية الشخص ليست قدرة على المعرفة أو الشعور والتذكر بل هي إحساس ترانسندنتالي يتعالى على التجربة والزمان المكان يدفع بالإنسان إلى أن يرغب ويريد أو لا يريد.


  الأطروحة:

يدافع شوبنهاور في نصه على أن أساس هوية الشخص لا يمكن أن يكون هو الجسم أو الجسد لأنه عرض متغير، كما ينفي أن تكون الذاكرة أو الشعور لأنها قدرات معرضة للتلف، كما ينفي أن تكون القدرة على إنتاج المعرفة هي ما يحدد هوية الشخص بل هوية الشخص عند شوبنهاور مستمدة من الإرادة باعتبارها ما يحدد هوية الشخص، والإرادة عند شوبنهاور لا تعني الفعل الواعي المسترشد بالعقل، بل هي إرادة الحياة التي تعبر عن نفسها كاندفاع أعمى لا عاقل نحو الحياة، فالإرادة عند شوبنهاور هي أن نريد وأن نرغب ومن ثم فالإرادة هي الرغبات والاندفاعات والميولات من كل نوع، وهي تمتد فيما وراء الحياة الواعية لتشمل أيضا الحياة اللاواعية والطبيعة اللاعضوية كذلك، والإرادة عند شوبنهاور ليست فردية بل هي تتعالى على العقل الفردي لتشمل السواد الأعظم لأنها ليست مرتبطة بالضرورة بذات عاقلة وواعية، بل هي ما يتعالى على المعرفة والوعي وفي هذا الصدد يقول شوبنهاور في كتابه العالم إرادة وتمثل: "فالإرادة تتجلى في قوى الطبيعة اللاعضوية كما هو الحال -على سبيل المثال- في قوة الجاذبية التي تجذب الحديد إلى المغناطيس والأرض إلى الشمس وتتجلى في الطبيعة العضوية في كافة درجاتها بدءا من النبات حتى الإنسان الذي تقترن فيه الإرادة بالمعرفة والوعي، غير أن هذا لا يعني أن الإرادة في حالة الإنسان تصبح عاقلة، لأن عقل السواد الأعظم من الناس يكون تابعا لإرادته وفي خدمتها، فنحن لا نريد شيئا لأننا وجدنا أسبابا له، وإنما نجد أسبابا له لأننا نريده، وبوجه عام لم يتمكن أحد أن يقنع أحدا بالمنطق، أو بالعقل أو بالتصورات المجردة، فلكي يقنعه يجب أن يخاطب إرادته". ولا يستطيع التخلص من قهرية الإرادة حسب شوبنهاور إلا الفنان المبدع الذي يتحرر من الإرادة وقتيا أثناء رؤيته الإبداعية التي تصبح معرفة خالصة نزيهة ومتحررة من عبودية الإرادة، والزاهد القديس الذي يتحرر من عبودية الإرادة بشكل دائم من خلال وأد رغباته، إن الإرادة عند شوبنهاور تعبر عن نفسها بوصفها اندفاع أعمى لا عاقل نحو الحياة، من خلال كفاح أبدي وصراع لا يهدأ من أجل حفظ حياة الفرد وبقاء النوع، وهو كفاح وصراع لا يتوقف إلا بالموت ولكن الموت  لا ينهي معاناة وشقاء الإنسان(أو البشر) لأنه ينهي فحسب الإرادة كما تتجلى في الفرد ولكن الإرادة تواصل وجودها في النوع البشري ومن هنا فوحدها الإرادة ما يشكل هوية الشخص سواء كان فردا أو جماعة.
المحور الثالث : قيمة الشخص