المنهج التجريبي عند الحسن بن الهيثم



استخدم ابن الهيثم المنهج الاستقرائي. يقول وهو بصدد بحث كيفية الإبصار: " نبتدئ في البحث باستقراء الموجودات، وتصفح أحوال المبصرات، وتمييز خواص الجزئيات، ونلتقط باستقراء ما يخص البصر في حال الإبصار، وما هو مطرد لا يتغير، وظاهر لا يشتبه من كيفية الإحساس. ثم نرتقي في البحث والمقاييس على التدريج والترتيب، ومع انتقاد المقدمات، والتحفظ في النتائج. ونجعل غرضنا في جميع ما نستقريه ونتصفحه استعمال العدل لا اتباع الهوى، ونتحرى في سائر ما نميزه وننتقده طلب الحق لا الميل مع الآراء، فلعلنا ننتهي بهذا الطريق إلى الحق الذي به يثلج الصدر، ونصل بالتدريج والتلطف إلى الغاية التي عندها يقع اليقين، ونظفر مع النقد والتحفظ بالحقيقة التي يزول معها الخلاف ويتجسم بها مواد الشبهات (...)"


جمع ابن الهيثم في هذا القول بين الاستقراء والقياس. وقدم فيه الاستقراء على القياس. وحدد الشرط الأساسي في البحث العلمي الحديث، وهو أن يكون غرض الباحث طلب الحقيقة بدون تأثر برأي أو عاطفة غير ثابتة، بل يعتريها التبديل والتغيير، ولذلك يقرر بأنه يأمل أن يصل إليها. (...)

المنهج التجريبي عند الحسن بن الهيثم


وكان على هذا العالم الذي استخدم المنهج الاستقرائي أن يلجأ إلى القيام بالتجارب، وقد أسمى التجربة بالاعتبار وأسمى من يقوم بالتجربة بالمعتبر. وأطلق على الإثبات بالتجربة: الإثبات بالاعتبار، مقابلا للإثبات بالقياس البرهاني. بل إنه ذهب إلى أبعد من هذا، إنه لا يعتمد على الاعتبار في إثبات القواعد أو القوانين الأساسية فحسب، بل يعتمد على الاعتبار في إثبات القواعد أو القوانين الأساسية فحسب، بل يعتمد عليه أيضا في إثبات النتائج التي تستنبط بالقياس بعد ذلك من تلك القواعد أو القوانين.


المرجع: علي سامي النشار، مناهج البحث عند مفكري الإسلام واكتشاف المنهج العلمي في العالم الإسلامي، دار النهضة العربية، 1984، ص:346-348.

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقا