Relativism النسبية

النسبية
النسبية بالإنجليزية هي  Relativism، لكنها ترد في الترجمات العربية بصيغ مختلفة مثل النسبوية أو النسبانية، ربما رغبة في التمييز بينها وبين مفهوم النسبية في الفيزياء. النسبية التي تهمنا هي ذلك الموقف الفلسفي الذي يقر أن جميع الأفكار والمعتقدات متساوية من حيث القيمة. وبالتالي ففي الأخلاق مثلا جميع النظم الأخلاقية جيدة ومتساوية من حيث القيمة. رغم وجود توجهات مختلفة فيما يتعلق بالنسبية لكنها تشترك في خاصيتين أساسيتين:

1.     كلها تقر أن شيئا ما (قيمة أخلاقية، جمال، معرفة، ذوق، معنى ..) يكون مرتبطا بإطار أو سياق معين (الفرد، الثقافة، الحقبة، اللغة ...).
2.     لا تعتقد بأن أية وجهة نظر / سياق / أطار يكون مميزا عن غيره.
منتقدو النسبية يقولون أنها موقف فلسفي غير منسجم لأنه يقر ضمنيا بصحة الموقف النقيض وهو خطأ "النسبية"، كما يرون أن لهذا الموقف آثار سلبية وخطيرة لأنه يقضي على قدرة الإنسان على تطوير مواقفه وعلى رغبته في تحسين طرق تفكيره. لكن نقد النسبية يختلف حسب الموضوع الذي تتم نَسْبَنَته - لا أدري إن كان المصطلح صحيحا بالإنجليزية being relativized  - وبأية طريقة. في الفلسفة المعاصرة، أكثر أشكال النسبية مناقشة هما : النسبية الأخلاقية، النسبية الإبستيمولوجية والنسبية الجمالية.

النسبية الأخلاقية هي الموقف الذي يقر أن القيم الأخلاقية تكون دائما مرتبطة بجماعة محددة في زمان ومكان يعينهما، فليس هناك قيم أخلاقية مطلقة كما لا يوجد منظور معين يمكن أن نقيّم من خلاله هذه الأخلاق أو تلك. ولدعم هذا الموقف غالبا ما يشير أنصار هذا الموقف إلى شواهد أنتروبولوجية على التنوع الثقافي، والتاريخي والجغرافي. أما النسبية الإبستيمولوجية فهي نظرية في المعرفة أساسها نسبية الحقيقة، فالقضية "باء" لا تكون صحيحة إلا في إطار مرجعي/مفاهيمي محدد (الفيزياء الكوانتية، الدين المسيحي ..)، ولا ميزة لهذا الإطار على غيره كما سبقت الإشارة فكلها سواء.

باستثناء السوفسطائيين (حيث كان بروتاغوراس من أوائل الفلاسفة الذين قالوا بالنسبية) لم تعرف هذه النظرية انتشارا في الفلسفة الغربية إلا في الآونة الأخيرة، حيث بدأ الشك في مقولات من قبيل "الحقيقة المطلقة" و "الله" مع نيتشه ووليام جيمس في القرن التاسع عشر، لتكتسب انتشارا واسعا في القرن العشرين. ويرجع ذلك إلى عدة عوامل منها:

1.     الأمثلة الكثيرة التي قدمت على النسبية الأخلاقية من خلال الأبحاث الأنتروبولوجية واللغوية والتي أثبتت أن الناس المنتمين لثقافات مختلفة ينظرون للعالم من خلال أطر جد مختلفة.
2.     الأبحاث حول علاقة الوعي بالواقع، والتي تذهب إلى أن إدراكنا للظاهرة ما يتأثر بالآليات التي يعتمدها العقل ( كانط مثلا وثورته الكوبرنيكية).
3.     نقد موضوعية العلوم الحقة، إشكالية الذاتية والموضوعية في العلوم الإنسانية ...

هكذا تم تبني النسبية  أو على الأقل وجدت تعبيرا عن نفسها في أعمال الكثير من فلاسفة القرن العشرين من أمثال: "لودفيغ فيتغنشتاين"، "طوماس كوهن"، "ريتشارد رورتي"، "غادامار" ، "ميشيل فوكو" و"جاك ديريدا".

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

1 التعليقات:

التعليقات

أترك تعليقا