الفيلسوف مارتن هايدغر



فيلسوف ألماني، عده البعض كواحد من أعظم فلاسفة ألمانيا، ولد في "مسكريش" 1889، ومات في "فرايبورغ" 1976.
بدأ أستاذًا في جامعة ماربورغ وقبل ذلك كانت بداياته مع الآباء اليسوعيين، ثم كان تلميذًا للفيلسوف "إدموند هوسرل" ويبدو أن وصفه أي وصف "هايدغر" بالعظمة في الفلسفة يعود الفضل فيه إلى "هوسرل" !!

فقد قام "هايدغر" بإهداء كتابه الرئيسي "الوجود والزمان" إلى هوسرل. وهايدغر مفكر الوجود أقام تفكيره بشكل أساسي من الفينومينولوجيا أي الظواهر الهوسرلية وذلك باستخدامه لمنهجها، وكان الاتجاه الفلسفي لـهايدجر يقوم على سؤال "ما الوجود"؟
أصبح في العام 1933 رئيسا لجامعة فرايبورغ واتهم بتأييده للنازية..


ومشروع هايدغر بدأ مع نشر كتابه "الوجود والزمان، فالتزم في التصور القصدي للهوسرلية فوجد في القلق ماهية الوجود، لأنه يرى العالم بأسره وجوهره قلقا أي في نزوع دائم لأنفسنا نحو الموجودين، ومع ذلك فهايدغر يندرج تحت إطار الفلسفة المثالية الألمانية، وهنا لا بد أن نشير إلى أن "هيجل" كان قد أنجز مهمة الفكر الفلسفي بتحقيقه لكلية الوجود، وذلك عبر محاولة قام بها هايدجر لفهم الوجود في ذاته، بدلا من أن يتحققه في ظواهره اللامتناهية على أساس من "الفينومينولوجيا".

ومسألة الوجود مسألة قديمة في المأثور "الميتافيزيقي" وكان هايدغر يستلهم ذلك من الفكر الإغريقي وتصوراته، ليستخلص حقيقة الوجود، الذي هو مقوّم إنسانية الإنسان وقاعدة لكل مذهب إنساني..
وتعرض هايدغر عند دراسته للمأثور الميتافيزيقي إلى فلسفة ديكارت وذكر ذلك في أن فلسفة ديكارت حددت الحقيقة بوصفها تمثل يقين الإنسان لذاته ككائن مفكر..

وكذلك تناول فلسفة "نيتشه" الذي أكمل المشروع الميتافيزيقي وذلك من خلال تحديده معنى الوجود على أنه يمثل إرادة القوة التي يقوم مبدؤها من الإنسان الأعلى، ومن الهدف والعودة الدائمة، وبإيجاز لأن فلسفة "نيتشه" تعبر عن الماهية العدمية للميتافيزيقا، لأنها ميتافيزيقا ذاتية...

الفيلسوف مارتن هايدغر


وفوق ذلك كله فإن "هايدجر" اهتم إلى حد كبير بقراءة نتاج الفلاسفة الذين سبقوا سقراط، وأقام حوارا بين الفكر والشعر...
فعارض هايدغر الفلسفات الجديدة التي تجانب الميتافيزيقا...
ويكد هايدغر أن الوجود هو ما هو موجود وهو أبعد من كل موجود، والوجب هو القرب، بيد أن هذا القرب يبقى بالنسبة للإنسان هو الأبعد.
أما علاقة الوجود بالإنسان فقد سعى هيدجر إلى تشخيص وتحليل وتحديد تلك العلاقة انطلاقا من الانسان، وهذا العرض تناوله في كتابه "الوجودوالزمان".

أما الانعطاف المهم فقد بدأ عندما ألقى هايدغر محاضرته حول الميتافيزيقا والتي ترتب عليها ما أوردناه وبدأ التأكيد والتشديد على الوجود وقد كانت هذه المحاضرة في العام 1929.
ثم أصدر مدخل إلى الميتافيزيقا (1953) وكتاب "ما المقصود بالتفكير" (1954) و"نيتشه" (1961).

وكان "هايدغر" يقسم حالات الوجود الإنساني بحسب سماتها الإنسانية إلى أربع حالات: "القطيعة" وهي الحالة الأولى من حالات أو من أحوال الوجود الإنساني والتي يكشف عنها القلق، وهذه الحالة هي الشعور بأننا منغمسون في العالم.

والحالة الثانية من أحوال الوجود الإنساني هي "الزمانية" وهذه الحالة هي تعبير عن وصف الإنسان بالكائن الزمني، فلا ينبغي أن نقول: إن الإنسان يحيا بالزمان، بل نقول إن الإنسان متزمن...

والحالة الثالثة هي حالة الموت فمنذ أن يأتي الإنسان إلى الحياة يكون بالفعل في شيخوخة ومستوفيا للموت، والموت هو أقصى إمكانيات الإنسان...

والحالة الرابعة من أحوال الوجود الإنساني هي "الحرية" التي يجب أن تقوم على أساس من الضرورة لأننا لا نولد باختيارنا ولا نموت باختيارنا، والضرورة هنا هي أساس الحرية، وهي اختيار المستقبل...


والخلاصة: إن هايدغر هو المؤسس الحقيقي للوجودية، وتدور فلسفته على الوجودج ومهمة الفيلسوف من وجهة نظره هي إيضاح معنى الوجود، ومنهج هايدغر لهذه الفلسفة هو "الإشارة" لتغذر التدليل بالبرهان على الوجود... !
وظاهرة الوجود تتجلى في الموجودات، فالوجود هو وجود الموجودات، وهو في كل مكان، ولكنه لا يعطي الوجود على نحو واحد...

ويعبر هايدغر عن وجود الإنسان بـ "الآنية" (ترجمة عبد الرحمان بدوي للدازاين Dasein) أي الوجود في العالم، وأول خاصية جوهرية لوجود الإنسان، هي أن وجوده لا يشبه وجود الشيء.

ووجود "الآنية" في العالم يتضمن ثلاث سمات هي: "الموقف، الفهم، السقوط " فالموقف يضع الإنسان أمام وجوده، فيكشف له عن حال وجوده هناك، أما الفهم فهو أن الآنية تفهم العالم، وتفهم وجودها، وليس المقصود بالفهم المعنى العقلي فقط، فينطوي الفهم عند هايدغر على معنى عملي هو تحقيق الشيء والسيطرة عليه، فأن يفهم الإنسان العالم معناه أن يعيش موقفه فيه، والسقوط وهو الحياة في المتوسط، والتشويه بين ممكنات الوجود...

والإنسان بسقوطه في العالم يتميز بملامح رئيسية هي الإغراء، الطمأنينة الظاهرية، مغايرة الذات، والموْحَل...
ويرى هايدغر أن مهمة الشاعر هي "تأسيس الوجود بواسطة القول" وذلك بالتعبير عن العصر بطريقة بسيطة مباشرة....


عن:

(الدليل الفلسفي الشامل، الجزء الثالث، مارتن هايدغر، الصفحات601-604 )

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقا