في رواية غير مكتملة
لروبير موزيل "L’homme sans
qualités" "إنسان بدون صفات"، وهي رواية تدور أحداثها حول
شخص إسمه أُلريتش Ulrich ، فشل
إيجاد معنى لحياته، ليس لأنه غبي بل لأن قدرته على التحليل جزته في نوع من
السلبية، والنسبية الأخلاقية واللامبالاة، فصارت ردود فعله مرتبطة بالوسط الخارجي
وهذا سبب نعته ب"إنسان بدون صفات" فلا قيم لديه ولا أهداف ولا معتقدات، من
المواقف التي تثير الانتباه في الرواية أن أولريتش لا يعرف أي مهنَة يختار فلا أحد
يفرض عليه شيئا ولا شيء يبدُو مميزا فهو لا يملك يملك إرادة واضحة في مزاولة مهنة
بعينها ! يقول
"عندَما تكون لدينَا القدرة على فعل أي شيء نريده، لا تصبح لدينَا رغبة في
فعل أي شيء" ولطالمَا ردد هذه العبارة بانتشاء. وهنا يكمن قلق الحرية !
أن يترك الفرد ليختار تعليمه،
مهنته، شريك حياته، هواياته، كل هذا يفرض على الفرد تحمل مسؤولية هذه الحرية. وقد أحسن
فلاسفة مثل كيركغارد، هايدغر وسارتر وصف التيه والقلق المصاحب لهذه الحرية،
فبالنسبة لهايدغر الحرية هي عبء ثقيل لأنها تجبر الإنسان على مواجهة ذاته وتدفعه
لأن يواجه، وحيدا، الإختيارات الأساسية في وجوده، ولذلك يربط سارتر بين الحرية والقلق، فالإنسان محكوم
عليه بالحرية كما يقول على لسان ماثيو أحد شخصيات روايته "دروب الحرية"
حين يقول "أني لست شيئاً وليس لدي شيء … أنني خارج الماضي، خارج نفسي إن
الحرية هي المنفي، وأنني مقضيّ علي بأن أكون حراً" وبالتالي مصيره القلق
اتجاه لامحدودية الإمكانات، فالإنسان بمجرد أن يدرك حريته لابد أن يصاب بالقلق
لإنه أمام إمكانات لامتناهية، فالحرية تجعل الإنسان يواجه اللايقين، ذلك أن هذا
القول يعني أن الإنسان ليست له ماهية سابقة على وجوده، فهو يوجد ومن ثم يختار من
سيكون، وليس المطوب بناء الذات فقط ولكن
بناء العالم من خلال ما نضفيه عليه من قيم ولكن كيف سنختار بين القيم فلا وجود
لتشريع سماوي يرشدنَا ولا معنى للعادات أو التعاليم الموروثة كيف أرجح هذا
الأختيار على ذاك، هكذا يزداد القلق، القلق هنا قلق اختيار.
أترك تعليقا