الفلسفة: أنواعها ومشكلاتها

لا شك أن الخبرة الطويلة التي اكتسبها مؤلف كتاب "الفلسفة أنواعها ومشكلاتها" في تدريس الفلسفة تظهر واضحة في كل صفحات كتابه، أذ نجد لديه إدراكا واضح لطريقة تفكير طالب الفلسفة، حين يقبل على دراسته لأول مرة، في تلك المشكلات القصوى التي تتميز بها الدراسة الفلسفية عن غيرها من الدراسات. ويعترف مؤلف الكتاب صراحة بأن الكتاب نص دراسي قصد منه أن يفيد الطالب المبتدئ في الدراسة الفلسفية، ومن هنا كان ذلك الطابع العام الذي اكتسبته طريقة معالجته لموضوعاته، ومحاولة مسايرة تفكير الطالب خطوة خطوة، وتصور الحجج والاعتراضات التي قد يثيرها ذهنه، والأسئلة والردود التي قد تطرأ على باله، ومما يزيد في قيمة الطابع التعليمي لهذا الكتاب، أن المؤلف لم يحاول أن يقطع برأي نهائي في أية مشكلة من المشكلات التي عالجها، بل ترك المجال مفتوحا أمام الطالب لكي يختار الموقف الذي يراه ملائما، والأهم من ذلك أنه يؤكد على الدوام إمكان وجود حلول مختلفة للمشكلة الواحدة، وهو تأكيد له أهمية كبرى في تكوين أذهان أولئك الذين يزعمون التخصص في الدراسات...
ولعل أوضح ميزات هذا الكتاب هي محاولة الربط بين المشكلات الفلسفية وبين المواقف الفعلية التي يمكن أن يواجهها دارس الفلسفة في حياته الخاصة والعامة. وتلك دون شك ميزة لا يستهان بها من وجهة النظر التربوية إذ أنها تشجع طالب الفلسفة على أن يخوض غمار مشكلات قد ينفر منها لو عرضت عليه بطريقة تجريدية جافة. ويظهر اتجاه المؤلف هذا بوضوح منذ الفصل الأول، الذي ضرب فيه الأمثلة لحالات متعددة الأنماط من الطلاب الذين يقبلون على الدراسة الفلسفية لأسباب مختلفة، ولكنهم يتفقون جميعا - رغم تباين أمزجتهم واستعدادتهم - على أن التفلسف أمر لا مفر منه. مهما تكن وجهة نظر المرء بالنسبة إلى العالم وإلى المجتمع الذي يعيش فيه. فإذا وجد القارئ العربي أن النماذج التي اختارها المؤلف محلية تنتمي إلى بيئته الخاصة وحدها، فليعلم رغم ذلك أن أمثال هذه الأنماط يمكن أن توجد – مع تحرير بسيط- في أية بيئة معاصرة في عالمنا الذي تتقارب طرق التفكير فيه، وخاصة بين الشباب بسرعة مذهلة...

الفلسفة أنواعها ومشكلاتها


وأخيرا فإن لمؤلف كتاب "الفلسفة أنواعها ومشكلاتها" خبرة طويلة في التدريس الفلسفي أتاحت له أن يسلك، في كتابه هذا، أقصر الطرق وايسرها إلى عقول الطلاب وربما إلى قلوبهم، بدليل انتشار استخدام هذا الكتاب بوصفه مدخلا إلى الفلسفة في كثير من الجامعات الأمريكية. وقد قام المؤلف بالتدريس في عدة جامعات وكليات، بعضها في الشرق الأدنى، وبعضها في الولايات المتحدة.



أقتباسات من الكتاب :

الفلسفة بوصفها حب الحكمة: نستطيع أن نستشف من المعنى الأصلي للفظ
"الفلسفة"، عناصر كثيرة من قصتها، فهذ المعنى كان عند اليونانيين "حب الحكمة" ومن هنا كان الفيلسوف "محبا للحكمة"، وقد تفضل وجهة النظر الحديثة النظر إليها على أنها السعي وراء الحكمة أو البحث عنها، غير أن التمييز ليست له على الأرجح أهمية، فالحب يؤدي عادة إلى سعي من نوع ما، وحب الحكمة ليس استثناء لهذه القاعدة.
الفلسفة أنواعها ومشكلاتها، الفصل الأول"لابد لنا من التفلسف"، ص:22

فمن أين أتت الحياة؟ وماذا كان شكل الحياة الأصلية؟ وما التغيرات التي حدثت منذ هذا الأصل؟ ما الذي سبب ذلك؟ وهل مازالت التحولات مستمرة؟ وهل الإنسان مجرد نوع آخر من الحيوانات، أم أن له طبيعة فريدة لا يمكن تفسيرها إلا بافتراض خلق خاص - أو على الأقل بافتراض اهتمام خاص من جانب الكون؟ وباختصار، نحن نواجه الآن مباشرة تفريعات متنوعة لذلك البحث الذي يعد موضوعا من الموضوعات الثلاثة الرئيسية في الفلسفة، وهو: من أين نأتي؟
الفلسفة أنواعها ومشكلاتها، الفصل الخامس"أصل الحياة ومجراها"، ص:102


شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقا