Empedocles أمبيدوكليس


أمبيدوكليس
فيلسُوف من صِقلية، يقعُ مولدُه في حوالي 495 ق.م ووفاته حوالي 435 ق.م. ( 484 و424 ق.م في مصدر آخر)، المهم أنه اشتهر حوالي منتصف القرن الخامس، وقد كانت له، مثل فيتاغورس، شخصية قوية وآسرة، حيث نسجت حوله الكثير من الأسَاطير، ونسِب إليه القيامُ بمعْجزات، كَما انتشرتِ الكثير مِن القصَص الخَيالية حَول وَفاته. وَلعله سَاهم فِي ذَلك حَيثُ كان يريد أن يظهَر بمَظهَر النّبي القادِر عَلى المعْجزات، بَل قَال عَن نفسِه إنه إله خَالد جَاء إلى البشر الفانين، ولهُ عَليهم حَق التمْجيد.

" طبيب أو ساحر، شاعر أو خطيب، إله أو بشر، عالم أو فنان، رجل دولة أو كاهن، فيتاغورس أو (بارمنيدس)، هو دوما سابح بين الإثنين" - نيتشه.

ترك أمبيدُوكليس كتَابين، أحدُهما "فِي الطبيعَة"، وَالثاني "التطهير". والكتاب الثاني يبين تأثره بالفيثاغوريين وبآرائهم الدينية، أما الأول فواضح منه تأثره ببارمنيدس، ولعله تأثر أيضا بهيراقليطس. فقد كان شغل الفلاسفة الشاغل، بعد بارمنيدس، هو التوفيق، من جهة بين الثبات الذي برهن على ضرورته بارمنيدس والتغير الذي أثبته هيراقليطس، ومن جهة أخرى بين الواحدية التي أكد عليها والتعَدد الذي اهتمّ به الفيثاغوريون، والذي تشهَدُ به التجربة. وَمن بين هؤلاء الفلاسفة كان أمبيدوكليس.

على عكس الفلاسفة الطبيعيين الذين أعتقدوا بأن أصل المادة عنصر واحد (طاليس/الماء، أناكسيمنس/الهواء...)، ذهب أمبيدوكليس إلى القول بالعناصر الأربعة، بالأحرى " الجذور - كما يسميها هو نفسه - الأربعة" لكل الأشياء. وهذه الجذور هي : المَاء، الهواء، النّار والتراب. وهو يسميها أحيانا بأسماء بعض الآلهة، فيسمي النار "زيوس" مثلا. وهذه الجذور بسيطة وغير مركبة، و هي تشكل كل شيء ليس الإنسان و غيره فقط بل الآلهة أيضا.

العناصر الاربعة
و"الجذور" الأربعة خالدة، فهي لم تخلق ولن تفنى. يقول في نص هام عن خصائص هذه الجذور الأربعة: "هي جميعا متساوية، وذات أعمار واحدة، ومع ذلك فلكل واحد منها ميزة وطبيعة خاصة، وكل منها يسود فترة من الزمن، ولا يظهر إلى الوجود أو يختفي منه شيء خلاف هذه العناصر، لإنها لو كانت فاسدة على الدوام لما كانت موجودة الآن. وماذا يمكن أن يزيد في الكل ومن أين تنشأ الزيادة؟ وكيف يمكن أن تفسد ما دام لا شيء من هذه الأشياء خلاء؟ فلا يوجد إلا هذه "الجذور" فقط، ولكنها تتداخل فتصبح الأشياء المختلفة في الأوقات المختلفة، ومع ذلك تظل هي هي على الدوام" وهذا النص يظهر تأثره الواضح ببارمنيدس، فهو يتفق معه على نفي الكون والفساد، فالوجود مطلق خالد أزلي لم ينشأ ولا يفنى. ولكن أمبيدوكليس يختلف مع في أن الوجود الثابت الدائم ليس "الواحد" بل هو "الجذور" الأربعة، إذن فهو يقول بالثبات وفي نفس الوقت بالتعدد. كما يتفق مع بارمنيدس في نفيه لوجود الفراغ أو الخلاء فالوجود كامل ممتلئ ولا محل فيه للعدم.

لكن عبارته الأخيرة "لكنها تتداخل فتصبح الأشياء المختلفة في الأوقات المختلفة" تشير إلى التغير من حالة إلى أخرى وهذا هو تفسيره لوجود الحركة، فالأشياء تتكون بامتزاج "الجذور" وتفسد بانفصالها. وهذه "الجذور" إنما تمتزج وتنفصل بفعل قوتين متعارضتين يسميهما امبيدوكليس باسم الحب والكراهية، أو التناغم والتنافر. ورغم أن الإسم قد يحيلنا على تصور مثالي لهاتين القوتين إلا أن أمبيدوكليس يتصورهما قوتين ماديتين وفيزيقيتين.

ومن نظريات أمبيدوكليس نظريته في الإدراك الحسي، فعنده أن كل إحساس هو احتكاك بين متشابهات، فلكي يدرك الإنسان شيئا، يجب على المسام التي تستقبل "السيال" الصادر عن هذا الشيء من نفس طبيعته، فالشبيه وحده يدرك الشبيه. لذلك يقول "بالتراب نرى التراب، و بالماء نرى الماء..." . ومن الجوانب الهامة في فلسفته نقده للمعرفة الحسية، حيث نجد عنده أحساسا بحدود المعرفة العلمية، لذلك يقول :"بقدر اختلاف طبـائع الناس تتغير أفكارهم" وهذا هو بدء ظهور فكرة نسبيّة المعرفة ظهورا قويا.

أما قصيدة "التّطهير" فإنها تظهر الجانب الديني في شخصية أمبيدوكليس، فالآلهة عنده خالية من الخصائص البشرية. أما النفس البشرية فهي إله طويل العمل، ولكنها سقطت من دنيا الآلهة بسبب تلوث أيديها بالقتل، وبحسب حكم الضرورة فإن على كل منها أن تجول في الأرض ثلاثين ألف سنة تحاول خلالها أن تتطهر، وخلال هذه السنين تأخذ النفس أشكالا مختلفة، ويقول هو عن نفسه أنه كان من قبل صبياو فتاة وشجرة وطائرا وسمكة. وواضج من كل هذا تأثره بالنزعة الأوريفية وبالفيتاغورية وبنظرية التناسخ.

تجدر الإشارة إلى Empedocle تترجم بطرق مختلفة، فبالإضافة إلى الترجمة التي اعتمدناها قد يكتب الإسم على النحو التالي : امبيدوقليس، أنبادوكليس، أنباذوقلس.

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقا