كَيف نثبت وجود الله؟



حاول الكثير من الفلاسفة تبيان عدم التعارض بين الدين والفلسفة، وذلك بجعل العقل في خدمة الله. وذلك هو ما أدى لظهور الكثير من الحجج التي "تزعم" إثبات وجود الله انطلاقا من العصور الوسطى.


أشهر هذه الحجج حجة أنسلم (1033-1109) الأنطولوجية وهي حجة تستند على فكرة الله ذاتها، يقول أنسلم: "نحن نؤمن بوجود الله ولكن 'الأحمق يقول في قلبه: ليس يوجد إله' كما جاء في مزامير داود، غير أن الأحمق يناقض نفسه. ونحن نبين هذا التناقض للأحمق من تعريفنا لله على الوجه الآتي: الله هو الموجود الذي لا يتصور أعظم منه، وما لا يتصور أعظم منه محال أن يوجد في العقل فقط، لماذا؟ لأنه عندئذ يمكن تصور موجود مثله متحققا في العقل وفي الواقع. ومن ثمة يكون أعظم منه. وينتج أن ما لا يتصور أعظم منه يمكن تصور أعظم منه. وهذا محال. إذن ما لا يتصور أعظم منه موجود في العقل وفي الواقع بالضرورة".


كيف نثبت وجود خالق

يمكن أن نلخص حجة أنسلم كالتالي: "الله كامل، والكامل يقتضي الوجود، إذن الله (حتى يكون كاملا) موجود". وهذه الحجة ستظهر بحلة جديدة مع ديكارت وسينتقدها كانط، كما ستتم إعادة صياغتها من طرف آخرين مثل المنطقي كورت غودل kurt godel الذي بلوَر حجته الأنطولوجية الخاصة سنة 1970 ولكنه احتفظ بهَا لنفسه !

طبَعا يمكن الاعتراض على هذه الحجة، كما اعترض الراهب جونيلون في رسالة بعنوان "الدفاع عن الأحمق" بحجة أن ثمة ثغرات منطقية. لكن هذا الاعتراض مرفوض لأن هذه الأدلة، في رأي أنسلم، ليست أدلة بمعنى الكلمة، بل هي مجرد تفسير اسم الله. ثم هي أدلة مستفادة من الإيمان. ولهذا نجد أن أنسلم ينصح أي معترض على وجود الله أن يحتكم إلى ضميره وإلى إيمانه وليس إلى عقله.


يوجد أيضا ما يسمى بالبراهين الكوسمولوجية، وهي تتمحور حول العلة الأولى، فلا بد من وجود خالق في البداية، حيث يفترض برهان العلة الأولى أن العلل لا يمكن أن ترجع إلى ما لا نهاية وعليه فلابد من وجود علة أولى تنشئ الأشياء الأخرى كافة، وأهم انتقاد يمكن أن يتلقاه هذا البرهان هو أنه متناقض مع ذاته حيث يفترض أن كل شيء سببه شيء آخر، ولكنه ينتهي إلى أن يناقض هذه المقدمة عندما يقول أن الخالق سبب من دون مسبّب. لكن المدافع عن البرهان يحتاج لعلة هو الحَادث لكن الله ليس بحادث وعليه فلا علة له.

أما الفيلسوف المسيحي، بليز باسكال، مؤسس علم الاحتمالات، فقد اقترح برهانًا أكثر أصَالة يرتكز على رهان (يحمل إسمه)، حيث يؤكد أنه من الأفضل لنا أن نؤمن بالله ونراهن على الخلاص الذي سيحققه لنَا الإيمان بالله، فالإيمان سيضمن لنا الجنة وينجينَا من النار، أما إذا لم يكن الله موجودًا فلن نخسر شيئا بإيماننا، وبالتالي فالأكثر معقولية هو الإيمان بالله.


ومن بين البراهين المهمة التي يعول عليهَا كثيرا في إثبات وجود الخالق، برهان التصميم والغائية، ومضمونهَا أن كل شيء في الكون مصمم بدقة متناهية تجعله يؤدي وظيفته بشكل كامل، وأشهر مثال يتم تقديمه هو العين البشرية حيث أن كل الأجزاء مهما صغرت (كما يقول مؤيدُو هذا البرهان) مصممة بدقة بحيث يحقق التكامل الحاصل بينها إلى إنجاز وظيفة: النظر. وقد انتقد الفيلسوف ديفيد هيوم (1711-1776) هذا البرهان بالكثير من البراهين يوجد أغلبها في كتابه "بحث في الفهم البشري".

وأنتَ(أنتِ) ما رأيك؟
 ما هو دليلك على وجود الله؟
 ما هو أقرب الأدلة إلى عقلك؟


شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقا