الفينومينولوجيا، الظواهرية، الظاهراتية، الفيمياء



تفهم العديد من المؤلفات الفلسفية الكبرى التي تنتمي إلى عصرنا الحاضر على أنها أبحاث فينومينولوجية مثل : المذهب الصوري في الأخلاق وعلم الأخلاق المادي القيمي لماكس شيلر(1913/1916) والوجود والزمن لمارتن هايدغر (1927)، والوجود والعدم لجون بول سارتر (1943) وفينومينولوجيا الإدراك لموريس ميرلو بونتي (1945)، كما أن تأثيرها امتد إلى مجموعة من العلوم خاصة علم النفس.


خلال أربعين عاما وفي أكثر من أربعين ألف صفحة لم ينشر منها إلا القليل في حياته ولم تنشر كاملة بعد، وذلك في نهاية القرن 19 وبداية القرن 20، أنشأ هوسرل اتجاها فلسفيا جديدا هو الفينومينولوجيا phénoménologie أو الظواهرية أو الظاهراتية أو الفيمياء (كما ترجمها علي حبيب الفريوي وذلك في مجلة الفكر العربي المعاصر، 1998 )، والهدف الأساسي للفينومينولوجيا كما قدمه هوسرل في مقال 1911 :"الفلسفة كعلم صارم"، هو إصلاح الفلسفة وإرجاعها إلى طابعهَا العلمي. ولهذا حارب الإتجاه الذي يرى أن الفلسفة ليست علمًا وإنمَا رؤية للعالم.

الظواهرية ، الظاهراتية ، الفيمياء


والفكرة المركزية لهذه المدرسة الفلسفية المعاصرة هي : أن الأشياء لا توجد خارج العلاقات التي تقيمها مع غيرهَا، مع الوَعي عندَ هوسرل. ولم يكن قصد هوسرل هو تكييف الفلسفة مع مناهج العلم الطبيعي المعاصر بل كانت غايته هو تحقيق معرفة متحررة جذريا من الأحكام المسبقة وبعيدة كل البعد عن الظن المجرد. حيث يؤكد في كتاب "الأبحاث المنطقية" (1900-1901) أن هذا العلم الجديد بعيد عن التفكير الطبيعي على الرغم من أنه يتناول نفس موضوع هذا التفير وهو الظواهر. والفينومينولوجيا لا تبحث في الوقائع الخارجية أو الداخلية، بل تركز على الواقع الموجود داخل الشعور، أي على الموضوعات بصفتها مقصودة من الشعور وفيه ( أخذ هوسرل مفهوم قصدية الوعي عن برنتانو، حيث أن كل إدراك هو إدراك لشيء ما، وكل حكم هو حكم على شيء ما، ففعل الوعي (إدراك، تذكر، تخيل، حب، كره..) هو فعل يتوجه دائمًا إلى شيء ما، وهكذا ترتبط القصدية لدى هوسرل بفكرة التعالق بين فعل الوعي وموضوعه ارتباطا وثيقا، ولهذا ترفض الفينومينولوجيا التعبير عن العلاقة بين الوعي وشيئه من خلال "داخل" و"خارج" أو "ذات" و"موضوع"، لأن هناك وحدة عضوية تشد الفعل إلى شيئه) ، إن الظاهرة بالنسبة لهوسرل هي ما يظهر مباشرة في الشعور، أي انها تدرك في الحدس قبل كل تفكير أو حكم، وما علينَا إلا أن نتركها تظهر وتعطي نفسها، فالظاهرة هي التي تعبر عن نفسها بنفسها، وهذا ما يسميه هوسرل الإعطاء الذاتي للموضوع، وهكذا ترتكز العناية بمضامين وموضوعات المعرفة أساس على وصفها على الصورة التي تعطى بها كمقاصد خالصة وبسيطة للشعور.

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقا